المبايعة، فيناله عقاب القتل، فأخذوا يدبرون وجهاً لتخليص سعيد من هذه الورطة متى صمّم على عدم البيعة، حتى وصلوا إلى تدبير عرضوه على الوالي، فقبله، وكانوا يظنون أن ما دبروه من الوجوه لإنقاذ سعيد من عقوبة القتل سيجد من سعيد ليناً وقبولاً حسناً.
كذلك ذهب الفقهاء الثلاثة إلى سعيد، وقالوا: جئناك في أمر عظيم: إن عبد الملك كتب إلى الوالي يأمره بأن يعرض عليك المبايعة، فإن لم تفعل، ضرب عنقك، ونحن نعرض عليك خصالاً ثلاثاً، فأعطنا إحداهن، وهي:
أن يقرأ عليك الكتاب، فتسكت، ولا تقل:"لا"، ولا "نعم"، فيكتفي منك الوالي بهذا السكوت، فتمضي على ما صممت عليه من عدم المبايعة، وتدرأ عن نفسك عقوبة القتل.
سعيد: ما أنا بفاعل؟
الفقهاء الثلاثة: تجلس في بيتك، ولا تخرج إلى الصلاة أياماً، فيعتمد الوالي في عدم إنفاذ أمر عبد الملك على أنه قد طلبك من مجلسك فلم يجدك.
سعيد: أفعل هذا، وأنا أسمع الأذان فوق أذني: حي على الصلاة، حي على الصلاة؟! ما أنا بفاعل.
الفقهاء الثلاثة: انتقل من مجلسك بالمسجد إلى مكان غيره، فإن الوالي يطلبك في مجلسك، فإن لم يجدك، أمسك عنك.
سعيد: أفرقاً من مخلوق؟! ما أنا بمقدم شبراً ولا متأخر.
ولما رأى الفقهاء صلابة سعيد، وأيسوا من قبوله إحدى الخصال التي