في أيدي المستعمرين، لم تكن عاملة بما أرشد إليه الدين من استقامة الأخلاق والنظر في علوم الاجتماع، والقيام على فنون الحرب، والابتعاد عما يوقظ الفتن النائمة، وما شاكل ذلك.
يعز علينا أن نلفت أقلامنا إلى تزييف أمثال هذه الخواطر المنادية على نفسها بأنها هزل يتعرض لمصارعة جد، وباطل يحاول أن يظهر على حق، ولكن ماذا نصنع وهي تتساقط علينا من أدمغة رهط شربوا في حانة السياسة الموسومة بهم كأسًا دهاقاً، وخرجوا للأمة في ثوب الحريص على رشدها، القائم على تثقيف أفكارها، وفي الناس من ينخدع بالمظاهر، ويجر رداءه وراء كل ناعق؟!
ولا أحسب العامل لمحو أثر الدين من النفوس مدركاً بغيته، إلا إذا تسنى له وسمحت له ديمقراطيته أن يلتقط جميع نسخ القرآن المبثوثة في الشرق والغرب، ثم يصدر من إنذاراته البليغة ما يحجم بالمطابع، ويغل أيدي الكاتبين عن اصطناع نسخ أخرى. أما إذا تحقق أن هذا الكتاب سيستمر قريب التناول من أيدي البشر، فيتلونه صباحاً ومساء، ويتلقون منه العقائد الخاصة، والبراهين الدامغة لأباطيل الملحدين، فلا مطمع له في فوز الإلحاد على الإِسلام، وجدير به أن يريح قلمه، ويأخذ في شرطي تسخيره أن لا يهاجم به المبادئ القائمة على دعائم ثابتة، وحجج ساطعة.