هذا نموذج من السلاح الذي أعدوه لمحاربة الدين، نعرضه على أنظار الأمة الرشيدة حتى تعلم حق اليقين: أن هذه الطائفة إنما تنطق عن أذواق خاصة، وآراء ملفقة، ولو كانت حملتهم على الأديان قائمة على تدبر ومحاكمة فكر، لتعلموا فن المنطق قبل أن يعلنوا الحرب على مبادئ يقدسها الآلاف من ذوي البصائر النقية، والأفكار الحرة، والأقلام المتمرنة على مكافحة عصبة الغواية.
أنكر الملاحظ أن يكون الدين منشأ لقوة الأمة، وقيامها على أمرها، وأقام في الرد على "جريدة الأمة" دليلاً أفرغه في شكل فات علماء المنطق قديمًا وحديثًا، فيحق له أن يفاخر بأنه اخترع شكلًا خامساً كان من الواجب إضافته إلى الأشكال الأربعة المدونة في فن المنطق، إذ لا فرق بينه وبينها سوى أن تلك الأشكال المعروفة منتجة، وهذا الشكل المخترع عقيم.
أنكر الملاحظ أن يكون لتربية الدين وتعاليمه أثر في القوة، وضرب بفكره يمينًا وشمالًا باحثاً عما يساعده على ترويج هذه النظرية البالية، فلم يعثر لسوء الحظ إلا فيما قصصناه عليكم من قوله:"أنها لم تمنع أهلها من أن يحكمهم غيرهم من المستعمرين"، ومن الواضح الغني عن البيان: أن الملاحظ لم يفهم مقال صاحب "جريدة الأمة" على صراحته، فالذي يقول:"إن تربية الدين وآدابه تمنع أهلها من أن يتحكم فيهم غيرهم" لا يريد: أن تقرير الدين لها، وحثه على التمسك بها، يكفي في قوة المنتمين إليه، وسلامتهم من أن يقعوا في قبضة دولة أجنبية، وإنما يريد: أن اعتصامهم بعهد الشريعة، وسيرهم في الحياة على ما يطابق إرشاداتها، يجعلهم في أمن ومنعة من أن يصابوا بسيطرة المستعمرين، فالشعوب التي وقع زمامها