للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجرى في قريض أبي الطيب المتنبي: أن من دلائل كمال الرجل: رمي الناقص له بسباب حين يقول:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل

ووجه هذا: أن الوضيع لا تلتفت همته إلى من كان واقفاً في صفه من الأسافل، فتحدثه بأن يلغ في أعراضهم بالمذمة؛ لأنه غني في نشر مثالبهم بما تلبسوا به من الفضائح، حتى إذا ألقى نحوهم بسبة، رماها على شفته من غير حرص وشدةِ اهتمام بالتحدث بها، وإنما تتوجه همته بمجامعها إلى الرجل الكامل؛ حيث يقصد إنزاله في معتقد الجمهور إلى مدرجته، أو ما هو أسفل منها.

وفي جملة ما يلوح إلى فضل الرجل، ويحوز له نصيباً من الوجاهة: اقترانه بذات مجد وسؤدد، كما قال الحسن - رضي الله عنه - لعبدالله بن الزبير: ولم تكن لجدك في الجاهلية مكرمة إلا تزوجه عمتي صفية بنت عبد المطلب، فبذخ بها على جميع العرب، وشرف بمكانها.

وإنما استفاد الرجل من اقترانه بماجدةٍ التفاتَ الناس إليه باحترام؛ لأن أولياء المرأة الحسيبة يحترزون - غالباً - أن يعزموا عقدة نكاحها لغير ذي كفاءة، فتكون إجابتهم لخطبته، والرضا عن مصاهرته كالشهادة لفضله ورفعة حسبه، ولذلك كان العرب يطلقون على رغبة غير الماجد في تزوج الماجدة، استياداً، أي: طلباً للسيادة وتكلفاً بها:

تبغي ابن كوز والسفاهة كاسمها ... ليستاد منا إن شتونا لياليا

ورد في الإسلام ما يدل على اعتبار رابطة التزوج بذي فضل، إذا انضم إليها الاحتفاظ بواجبات الشريعة، تجد هذا في قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ