لمكان صلتهم بأفضل الخليقة - عليه الصلاة والسلام -:
قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، كما في الصحيح:"والذي نفسي بيده! لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إليّ أن أصل من أهلي وقرابتي". ولكن الحقوق الشرعية منوطة بذممهم، ومصروفة إليهم بأجمعها كما صرفت إلى غيرهم على سواء، فيجازون بالمحامد عما فعلوا من خير، ويلاقون بالملامة والنكير عما وقعوا فيه من السوء. ومن الصحيح الذي روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "يا فاطمة! يا صفية! اعملا؛ فإني لا أغني عنكما من الله شيئاً". وفيما روى الشيخان والأربعة عنه - عليه الصلاة والسلام -: "وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
ويعزى إلى بعضهم القول؛ بأن أقارب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعذبون على المعاصي، فيعتقد في كل مؤمن منهم مات وهو يعمل بالمعصية: أنه لا يلحق به الوعيد في الآخرة، واستدل على هذا بقوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب: ٣٣]؛ فإنه علق تطهيرهم وذهاب الرجس عنهم بالإرادة التي لا تتبدل أحكامها، وهذا المذهب لا ينتظم مع قاعدة أهل السنّة من أن أمر العصاة موكول إلى المشيئة، ولا أراه إلا مختلفاً على من نسب إليه، ثم إن فهم الآية على ما قرره غير متعين، ولا هو ظاهر، فإن المراد من آل البيت: علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين - رضي الله عنهم - كما عزاه ابن عطية للجمهور، أو المراد: - أزواجه عليه السلام -، وهؤلاء الأربعة، ورجحه ابن عطية من عند نفسه، وعلى فرض أن يحمل آل البيت على الأشراف ما امتدت فروعهم في الإسلام، فإن الإرادة في الآية واردة بمعنى الأمر كما فسرها بذلك أبو إسحاق الشاطبي في "موافقاته"، وهي تستلزم المحبة والرضا بالمراد، لا وجويه ووقوعه، ويكون سوقها في حقهم خاصة، مع أن الله يحب