للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يكن ذلك من شأنه؛ لأن عضد الدولة كان يحب هذا البيت، وينشده كثيراً (١).

وذهب بعض علماء العربية إلى صحة الاستشهاد بكلام من يوثق به من المحدثين، وجنح إلى هذا المذهب: الزمخشري؛ فقد استشهد ببيت لأبي تمام في تفسيره، وقال: "وهو- وإن كان محدثًا لا يستشهد بشعره في اللغة- فهو من علماء العربية، فاجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه، ألا ترى إلى قول العلماء: الدليل عليه بيت الحماسة، فيقنعون بذلك؛ لوثوقهم بروايته وإتقانه"، ونحا هذا النحو العلامة الرضي، فقد استشهد بشعر أبي تمام في عدة مواضع من شرحه لـ: "كافية ابن الحاجب"، وجرى على هذا المذهب الشهاب الخفاجي، فقال في "شرح درة الغواص": "أجعل ما يقوله المتنبي بمنزلة ما يرويه".

وضعف هذا المذهب من ناحية أن الرواية تعتمد على الضبط والعدالة، أما الثقة بصحة الكلام، أو فصاحته، فمدارها على من يتكلم بالعربية بمقتضى النشأة والفطرة، وكيف يحتج بأقوال هؤلاء المولدين، وقد وقعوا في أغلاط كثيرة لا يستطيع أحد تخريجها على وجه مقبول؟! فهذا أبو تمام يقول:

لعذلته في دمنتين تقادما ... ممحوَّتين لزينب وسعاد

والصو اب: "تقادمتا".

وهذا المتنبي يقول:

فإن يك بعض الناس سيفاً لدولةٍ ... ففي الناس بوقات لها وطبول


(١) "تاريخ ابن خلكان".