رابعها: أن ترد ألفاظ معينة على ما يوافق القياس، ويخالف السماع، ومثال هذا: أن المعروف في خبر "عسى" كونه مضارعاً مقروناً بأن، أو مجرداً منها، وورد اسماً صريحاً في أمثلة معدودة، فقالوا في المثل:"عسى الغوير أبؤسا"، وقال الشاعر:
"لا تعذلن إني عسيت صائما"
والخلاصة: أن النحاة يختلفون في الوارد على وجه الشذوذ من حيث الاعتداد به في القياس، وفي "شرح الفصيح" لابن خالويه: "كان الأصمعي يقول أفصح اللغات، ويلغي ما سواها. وأبو زيد يجعل الشاذ والفصيح واحداً".
وممن أنكر القياس على الشاذ: ابن السراج، فقال:"ولو اعترض بالشاذ على القياس المطرد، لبطل أكثر الصناعات والعلوم، فمتى سمعت حرفاً مخالفاً لا شك في خلافه لهذه الأصول، فاعلم أنه شذ، فإن كان سمع ممن ترضى عربيته، فلابد أن يكون قد حاول به مذهباً، أو نحا نحواً من الوجوه، أو استهواه أمر غلطه".
والمعروف في علم النحو: أن الكوفيين يعتدون بما ورد من الكلمات الشاذة، ويعملون بالقياس عليها، والبصريون يمتنعون من القياس على الشاذ، ويذهبون في مثله إلى أن قائله نحا به نحواً خلاف ما يظهر منه، ويردونه إلى الأصل المعروف عندهم على طريق من التأويل، وبعض النحاة كابن مالك لا يكلف نفسه تأويل الشاذ، ولا يذهب فيه مذهب الكوفيين من إباحة القياس عليه، بل يصفه بالشذوذ، أو يجعله من قبيل ما دفعت إليه الضرورة.
ومن أمثلة هذا أنهم ذكروا في شروط صيغة أفعل التفضيل: أن لا يكون