أصل الوصف على وزن أفعل؛ نحو: أبيض، وأسود، ولما جاءهم قول الشاعر:
جارية في درعها الفضفاضِ ... أبيض من أخت بني إباض
أنزله الكوفيون منزلة المقيس عليه، وتأوله البصريون على أنه من قولهم:"باض فلاناً": إذا غلبه، وفاقه في البياض، وأبقاه ابن مالك على ظاهره، وطرحه إلى المسموعات الشاذة.
ومن الأقوال الشاذة ما لا تجد للتأويل فيه مساغاً، ومن أمثلته: أن البصريين يمنعون أن تجمع الصيغة التي لا تقبل تاء التأنيث جمع مذكر سالم؛ نحو: أسود، وأحمر، وأجازه الكوفيون تمسكاً بقول الشاعر:
فما وجدت نساء بني تميم ... حلائلَ أسوديِنَ وأحمريِنَ
ولا يتخلص البصريون من هذا الشاهد إلا بطرحه إلى النادر الذي لا يقوم عليه قياس.
والتأويل إنما يقتحمه البصريون إذا كان اللفظ المخالف للمعروف في اللسان واردًا عن الفرد ونحوه ممن يتكلم باللغة المألوفة، وأما إذا ثبت أنه لغة قبيلة، فلا وجه لتأويله والخروج به عن ظاهره، ولهذا أبطل ابن هشام تأويل أبي علي الفارسي، وأبي فزار لقولهم:"ليس الطيب إلا المسكُ"- برفع المسك-؛ لأن أبا عمرو بن العلاء أثبت أن رفع خبر "ليس" الواقع بعد "إلا" لغة تميم.
والحق - فيما يظهر - أن ما يجيء على غير القياس قسمان:
أحدهما: أن يكون كلام العرب سائراً على سنة معروفة، ووضع عام، فتسمع الكلمة أو نحوها ممن لا يعرف بالفصاحة، وهي تخالف المعروف في مجاري الكلام، فهذه لا تصلح أن تكون موضعاً للقياس، بل الكلمة أو