للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكلمتان لا تقومان في وجه القاعدة التي يجري عليها الفصحاء في عامة مخاطباتهم، ولو نقلت عن فصيح عربي؛ إذ يجوز أن تكون قد صدرت منه على وجه الغلط، أو القصد إلى تحريف اللغة؛ فإن ألسنة الفصحاء قد تقع في زلة الخطأ، وتطوع لهم متى قصدوا إلى تغيير الكلمة عن وصفها المعروف لهزل ونحوه.

وقد جرت عادة النحاة أن يصفوا خروج العربي الفصيح عن الشذوذ، ولا يبالون أن يُسمّوا خروج المولَّد عنها بالخطأ واللحن، وقد يصفون خروج العربي عن الأصول بالغلط؛ بناء على أن العربي يستطيع أن يلحن إذا تعمد اللحن، كما أنه يستطيع أن يتكلم بغير لغته إذا تعمد ذلك.

يذكر النحاة في شروط عمل "ما" عمل ليس في لغة أهل الحجاز: مراعاة الترتيب؛ بحيث لا يتقدم خبرها على اسمها، فورد قول الفرزدق:

"إذ هم قريش وإذ ما مثلَهم أحدُ"

فقدم خبر "ما" على اسمها، فقالوا: قول الفرزدق هذا شاذ، أو غلط؛ أي: لحن؛ لأن الفرزدق تميمي، وأراد أن يتكلم بلغة أهل الحجاز، ولم يدر أن من شرط نصبها للخبر الترتيب بين اسمها وخبرها؛ وقولهم: إن العرلى لا يقدر أن ينطق بغير لغته، محمول على تكلُّمِه وهو على حال سليقته، وأما عند تعمده النطق بالخطأ، أو بغير لغته، فذلك ميسور له من غير شبهة.

ثانيهما: ما يرد في الكلام الفصيح، وتتحقق أنه لم يصدر عن خطأ أو تلاعب في أوضاع اللغة؛ مثل: آيات الكتاب الحكيم، والأحاديث التي قامت القرائن على أنها مروية بألفاظها العربية الصحيحة، وهذا إن كان كلمة خرجت عما نسميه قياساً، نحو: "معائش"- بالهمز - في إحدى القراءات