للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا دارت الكلمة في كلام العرب، ولم ترد إلا مجردة من أداة التعريف - مثلاً -, فهل يجوز لنا استعمالها موصولة بهذه الأداة؟ يجري هذا النظر في لفظ: كل، وبعض، فقد أنكر الأصمعي أن تدخل عليهما ال المعرفة؛ حيث لم يجيئا في كلام العرب موصولين بها، وأجاز اتصالهما بها ابن درستويه، وخالفه جميع نحاة عصره، ذاهبين مذهب الأصمعي في وجوب تجردهما من أداة التعريف، وإن استعملها بعض الأدباء؛ كابن المقفع، ويعض النحاة؛ كسيبويه، والأخفش موصولة بها، وكل من هؤلاء الأدباء أو النحاة لا يحتج بما يقع في كلامهم، وإنما الحجة في روايتهم.

وبمقتضى هذا الأصل أنكر الحريري إدخال أل المعرفة على لفظ "كافة" ناظراً إلى أن العرب لم تفعل ذلك (١).

قد يخطر ببالك أن هذا الحجر يقتضي أن لا تدخل أل على اسم إلا إذا سمع اتصالها به في الفصيح من كلام العرب، ومن المتعذر أن يتتبع واضع القاعدة جميع الأسماء العربية؛ ليتحقق هل نطقوا بها مقرونة بال المعرفة، أولا؟.

فالجواب: أنا لا ندَّعي أن هذه الكلمات لم يستثنها النحاة إلا بعد أن أتوا على جميع المفردات مفردًا مفردًا، فوجدوها تجيء موصولة بأل ما عدا هذه المستثنيات: كل، ويعض، وما شاكلها، وإنما جاز لهم استثناؤها من جهة أنها دائرة على ألسنة الفصحاء بكثرة، حتى لا تكاد تمر بقصيدة أو خطبة أو محاورة، دون أن يعترضك شيء منها، وعدم استعمالها موصولة بأداة التعريف


(١) لنا عود في فصل: القياس في مواقع الإعراب، إلى زيادة البحث في استعمال هذه الكلمة.