مع إيرادهم لها في جل مخاطبتهم، دليل على أنهم التزموا قطعها عن هذه الأداة، ولا يسوغ لنا إلحاق الكلمة باشباهها متى شهد الاستعمال المستفيض بعدم إجرائها على القاعدة.
وملخص القول: أن الكلمة إذا وردت متصلة بلفظ، أو نوع من الألفاظ خاص، فلابد من النظر في حال استعمالها؛ فإن أكثر دورانها في أقوال الفصحاء وغيرهم، ولم يعدلوا بها عن ذلك الوجه من الاستعمال، وقفنا عند حد استعمالهم، ولا يسعنا الخروج بها عن ذلك الحد، وإذا لم تكن شائعة في فنون المخاطبات شيوعَ كلّ وبعض؛ فإنه يسوغ لنا أن نتصرف فيها، ونتعدى بها حدود الرواية؛ حيث لم يقم الدليل على قصد اختصاصها بذلك الاستعمال، وهو كثرة تقلبها على ألسنتهم، ودورانها في محاوراتهم.
ومما ينتظم تحت هذا البحث: الألفاظ التي قال صاحب "إصلاح المنطق" وغيره: إنها لا تستعمل إلا في سياق النفي، وهو: أحد، وعريب، وديَّار، وأخواتها، ويدخل في هذا نحو: قصارى، وحمادى، ولبَّى، ودوالي من الكلمات التي لم ترد موصولة إلا بنوع خاص، وهو المضاف إليه. ونظير هذا كلمة:"بيد"، فإنها بمعنى غير، ولكنها لم ترد إلا متصلة بأنَّ وصلتها، فيقال: فلان كثير المال بيد أنه بخيل، فلا يتجاوز بها حد هذا الاستعمال؛ كان تضيفها إلى اسم صريح قياسا على كلمة "غير" مراعياً توافقهما في المعنى.
وإن شئت مثلاً يزيد البحث بياناً، فإن العرب لم يستعملوا الضمير المسبوق بهاء التنبيه موصولاً باسم الإشارة؛ نحو: ها أناذا قائم، فرأى ابن هشام أن الشواهد الواردة بهذا الأسلوب قد بلغت في الكثرة إلى أن يؤخذ