ومن فروع هذا: قول ابن الحاجب، وسعد الدين التفتازاني: إن لفظه: "كل" إذا أضيفت إلى الضمير لم تستعمل في كلامهم إلا توكيدًا، فيمتنع إيرادها مفعولاً به، أو فاعلًا، ومن أجاز إيرادها مفعولاً به؛ كابن هشام اعتمد على ما وقع في يده من الشواهد التي منها قول الشاعر:
"فيصدر عنها كلُّها وهو ناهل"
ومما يجري على هذا الأصل قولهم: إن كافة، وقاطبة، وطُرّاً لا تخرج عن الحالية، وعدّ ابن هشام في أوهام الزمخشري تخريجه لقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}[سبأ: ٢٨] على أن كافة نعت لمصدر محذوف، والتقدير: رسالة كافة، ومن نازعوا في اختصاصها بالحالية يقفون موقف المدعي المطالَب بالدليل، وقد استشهدوا على ما ذهبوا إليه بمثل قول عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه -: "قد جعلت لآل بني كاهلة على كافة بيت مال المسلمين لكل عام مائتي مثقال ذهباً".
وحاول الشهاب الخفاجي هدم هذا الأصل المقرر في الصدر، فقال في "شرح الدرة": فإن "كافة" ورد عن العرب بمعنى جميع، لكنه استعمل منكراً منصوباً، وفي الناس خاصة، ومقتضي الوضع: أنه لا يلزمه ما ذكر، فيستعمل كما استعمل "جميع" معرفاً ومنكراً بوجوه الإعراب، وفي الناس وغيرهم؛ لأنَّا لو اقتصرنا في الألفاظ على ما استعملته العرب العارية والمستعربة، حجَّرنا الواسع، وعسر التكلم بالعربية على من بعدهم.
وهذا الرأي لا يؤخذ به على الإطلاق، ولا يستضاء به في كل حال؛ فإنه لا يطابق ما قاله أساتيذ العربية من أن معرفة الوضع غير كافية ما لم ينضم إليها