مفعولاً، كان لنا إيراده في تراكيب من عندنا مضافاً إليه، أو مبتدأ، أو خبراً.
فيتضح من هذا التفصيل مذهب الجمهور، ووجه ماخذه. ويمكنك أن تقضي به على مقالة الشهاب؛ حيث أباح خروج "كافة" عن الحالية بمجرد النظر إلى حال الوضع؛ فإن هذه الكلمة من القسم الأول قطعاً، فيجب على من ذهب إلى صحة استعمالها فاعلاً أو مفعولاً - مثلاً - إقامة شاهد على ذلك، ولا يكفيه التمسك بأنها قابلة لهذه الوجوه من الإعراب بحسب وضعها.
وللشيخ الكافيجي مقالة تشبه مقالة الخفاجي، هي: أنه تكلم عن نحو قولك، في الدار علي، والمسجدِ خالد (١)، ثم قال: إن جزئيات الكلام إذا أفادت المعنى المقصود منها على وجه الاستقامة لا يحتاج إلى النقل والسماع، وإلا لزم توقف تراكيب العلماء في تصانيفهم على ذلك.
وهذه العبارة مطلقة العنان، فلابد من وقفها عند حد، فنقول:
إن أراد الكافيجي بقوله:"أفادت المعنى على وجه الاستقامة": أن المعنى حصل في ذهن المخاطب عند النطق بها كاملاً. فهذا لا يكفي في صحة الكلام عند علماء العربية قطعاً؛ فإن من التراكيب ما يفهم منه المعنى المراد، ويكون المتكلم قد خالف فيه بعض القواعد المجمع عليها، وإن قصد بوجه الاستقامة: المطابقة لصحة الأسلوب عربية، قلنا: هذا هو محل النزل بينه وبين من لا يجيز المثال: في الدار عليٌّ، والمسجدِ خالد؛ فإن
(١) هذا مما يعبر عنه النحاة بمسألة العطف على معمولي عاملين مختلفين؛ فإن المسجد معطوف على الدار المعمول لحرف الجر. وخالد معطوف على علي المعمول للابتداء.