ثانيها: ترك هذه الحلية المسماة بحركات الإعراب، والأخذُ في هذا بما تفعله العامة مُذْهِبٌ لبهاء اللغة، وملقٍ للكلام في ضروب من الإبهام، وقد كانت وجوه الإعراب تصونه عنها لأول ما يلفظ به من غير احتياج في رفع هذا الإبهام إلى قرينة زائدة عن نفس الخطاب.
ثالثها: مفردات أصلها عربي، فتغيرها العامة بنحو الحذف أو الزيادة أو القلب. مثل كلمة:(بِدِّى) أفعل، فالظاهر أن أصلها:(بوُدّي) ومثل: (تحركش) بفلان، فالظاهر أن أصلها:(تحرَّش)، وهذا من أمراض اللغة التي يجب أن نحمي ألسنتنا وأقلامنا من أن تحوم حولها.
والأستاذ المغربي يوافق على أن هذا الصنف مما يتحاشى من النطق به، ويجب العمل على تقليص ظله. ولا أحسبه يخالف في تحامي الصنفين الأولين، ووجوب العمل على تنقية اللغة من أقذائهما. ونحن نوافق الأستاذ في صحة استعمال ما سماه صنفاً أول، وهو "كلمات عربية قحة لم تذكرها المعاجم، ولكنها وردت في كلام فصحاء العرب الذين يحتج بأقوالهم، مثل فعل (تبدَّى) بمعنى "ظهر"؛ حيث ورد في بيت لعمرو بن معدي كرب مروي في "ديوان الحماسة"، ومن الذي يعارضه في صحة استعمال كلمة جاءت في شعر عربي احتواه كتاب يوثق به؛ ككتاب "ديوان الحماسة"؟!
ويجري على هذا السبيل كلمة:(معتمد) للذي عمده الوجع؛ فقد وردت في شعر عزاه صاحب "الأغاني" لعدي بن زيد، وهو "من لقلب دنفٍ أو معتمد"، والقافية، وتفسير صاحب "الأغاني" لها بقوله: "المعتمد: الذي قد عمده الوجع" ينفيان احتمال أن تكون هذه الكلمة قد أصيبت بتحريف. فعد مثل هذه الكلمة في لغة العرب مما يجد في القبول مساغاً، وإن لم يرد