ما يرادف كلمة: وسط، ولها في العربية محل من الاعتبار، ومدخل في الدلالة على المقصود، حتى أفردها بعضهم بالتاليف، وعدها ابن خلدون من خصائص العربية، ونفاها عن غيرها، وليس حكمه هذا بشامل؛ لأن الحروف توجد في لغات أخرى؛ مثل: اللاتينية، وما تفرع عنها.
ويحتمل الوضع العربي أن ينقل اللفظ عملاً وضع له أولاً، ويستعمل في غيره على شرط المناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى المقصود من اللفظ، فيقال: غيث - مثلاً - ويراد: نبات، وأسد، ويراد: شجاع، وهذا ضرب من التوسع في الخطاب؛ لأنه زيد للنبات اسم هو الغيث، وجعل للشجاع اسم آخر هو الأسد، بل أسماء الغيث كلها صارت بهذه الوسيلة صالحة لأن تطلق على النبات، وجميع الألفاظ الموضوعة للأسد يصح استعمالها في الشجاع، وترجع أمثلة هذا النوع المسمى بالمجاز إلى ضربين:
أحدهما: ما كانت علاقته غير المشابهة، ويعرف بالمجاز المرسل، وقد أخبر الشيخ عبد القاهر الجرجاني بأنه لا يوجد في غير اللغة العربية.
ثانيهما: ما كانت علاقته المشابهة، ويختص باسم الاستعارة، وهذا الضرب لا تختص به العربية، بل يجري به العرف في غير اللغات الراقية أيضاً؛ فإن بعض سكان أستراليا لا يجدون في لغتهم ما يفيد معنى صلب، فإذا اضطروا إلى وصف شيء بالصلابة، قالوا: حجر.
ويتمايز هذان النوعان في الترجمة أيضاً، فلو أبدل مترجم الغيث في قولنا: رعينا غيثاً باللفظ الموضوع للنبات في اللغة المنقول إليها، لم يتغير المعنى، وكان مؤدياً للكلام بحاله، ولو أنه ترجم بحراً في قولك: رأيت بحراً يعطي الدنانير بلفظ يرادف كريماً، ولم يعبر بالاسم الذي يوافق البحر في تلك