عليهم القصص المؤلفة بقلم عربي، فلا يفوتهم من فهمها إلا ما كان نادراً.
واستشهد المسامر على عدم حياة العربية: بأن الجرائد المحررة بقلم راق لا يفهمها جميع الناس. وهذا مسلم في المنشآت التي يرمي فيها الكاتب إلى أنظار بعيدة عن أفكار العامة، ولا أظن العالم والأمي في أي أمة يكونان سواء في فهم التحريرات المشحونة بالأنظار العالية، وإن كانت خالية من المعاني العلمية واصطلاحاتها، وأما ما كانت معانيه قريبة التناول؛ كأخبار الوقائع والإعلانات، فلا يخفى عليهم فهمها، وإن كانت عباراتها راقية، إلا أن تشتمل على بعض مفردات غريبة وعندهم ما يرادفها من العربي صحيحاً أو محرفاً.
ولا ننسى - وإن نسي المسامر - أن لغة العامة في كل أمة لا تنطبق بجملتها على اللسان الذي يكتب به علماؤها، وإن كان الفرق بينهما في ممالك أوربا على ما ينقل أقل من الفرق بين لغة التخاطب عندنا والعربية الفصحى؛ لأن أولي الأمر منهم في الأعصر القريبة كانوا أشد عناية بشأن التعليم، وأحرص على تعميمه بين رعاياهم، واستقامة ألسنة الأمة في اللغة على قدر ما يفتح لها من أبواب التعليم، ويتخذ فيه من الوسائل القريبة، ولهذا نرى لسان المتعلمين منا، أو من يتردد على صحبتهم أقرب إلى العربية من لسان الأميين الذين لا يحومون على ساحة التعليم.
ثم إن ما قرره المسامر في شرط حياة اللغة، وبنى عليه الحكم بموت العربية، وهو:"أن يكون لسان التخاطب بها مطابقاً للسان الكتابة تماماً" نحن في سعة واختيار من قبوله، والاعتبار بوزنه، سواء قاله من تلقاء نفسه، أو تبع فيه سلفاً على وجه التقليد؛ فإن شرطه هذا أمر وضعي لا يستند في