خامسها: الأحاديث التي دونها من نشأ في بيئة عربية لم ينتشر فيها فساد اللغة؛ كمالك بن أنس، وعبد الملك بن جريج، والإمام الشافعي.
سادسها: ما عرف من حال رواته أنهم لا يجيزون رواية الحديث بالمعنى؛ مثل: ابن سيرين، والقاسم بن محمد، ورجاء بن حيوة، وعلي بن المديني. ومن الأحاديث ما لا ينبغي الاختلاف في عدم الاحتجاج به، وهي الأحاديث التي لم تدون في الصدر الأول، وإنما تروى في كتب بعض المتأخرين.
ولا يحتج بهذا النوع من الأحاديث، سواء أكان سندها مقطوعاً، أم متصلاً، أما مقطوعة السند، فوجه عدم الاحتجاج بها واضح، وأما متصلة السند، فلبعد مدونها عن الطبقة التي يحتج بأقوالها. وإذا أضيفت كثرة المولدين في رجال سند الحديث إلى احتمال أن يكون بعضهم قد رواه بالمعنى، أصبح احتمال أن تكون ألفاظه ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ألفاظ رواية الذي يحتج بكلامه، قاصراً عن درجة الظن الكافي لإثبات الألفاظ اللغوية، أو وجوه استعمالها.
والحديث الذي يصح أن تختلف الأنظار في الاستشهاد بألفاظه هو الحديث الذي دون في الصدر الأول، ولم يكن من الأنواع الستة المنبه عليها آنفاً، وهو على نوعين:
(حديث) يرد لفظه على وجه واحد، (وحديث) اختلفت الرواية في بعض ألفاظه.
أما الحديث الوارد على وجه واحد، فالظاهر صحة الاحتجاج به؛ نظراً إلى أن الأصل الرواية باللفظ، وإلى تشديدهم في الرواية بالمعنى، ويضاف