من حيث دلالتها على المعاني التركيبية؛ أي: المعاني التي تستفاد من إسناد بعض الكلم إلى بعض، وهذا أبو إسحاق الشاطبي يقول في "شرح الخلاصة":
"وهو - أي النحو - في الاصلاح: علم بالأحوال والأشكال التي بها تدل ألفاظ العرب على المعاني، ويعني بالأحوال: وضع الألفاظ من حيث دلالتها على المعاني التركيبية؛ أي: المعاني التي تستفاد بالأشكال ما يعرض في آخر طرفي اللفظ ووسطه من الآثار والتغييرات التي تدل بها ألفاظ العرب على المعاني"، فانظر إلى قوله "علم بالأحوال والأشكال"، وإلى تفسيره الأحوال بأنها وضع الألفاظ بعضها مع بعض، فذلك صريح بأن النحاة لا يقصرون بحثهم على الإعراب والبناء.
وهذا السيد الجرجاني قد ذكر في "شرح المفتاح" علوم الأدب التي تبحث عن المركبات، فقال:"وأما عن المركبات على الإطلاق، فأما باعتبار هيئتها التركيبية، وتأديتها لمعانيها الأصلية، فعلم النحو، وأما باعتبار إفادتها لمعان مغايرة لأصل المعنى، فعلم المعاني".
فانظر كيف جعل موضوع علم النحو: المركبات باعتبار هيئتها التركيبية، وتأديتها لمعانيها الأصلية، ولم يقل: يبحث عن الكلم باعتبار ما يعرض لها من الإعراب والبناء.
وكذلك ترى ابن سيده اللغوي قد تناول النحو بشرح يجعل موضوعه أوسع من أحوال الإعراب والبناء، فقال:"النحو أخذ من قولهم: انتحاه: إذا قصده. إنما هو انتحاء سمتِ كلام العرب من إعراب وغيره؛ كالتثنية والجمع والتصغير والتكسير والإضافة والنسب؛ ليلحق به من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة، فينطق بها".