وكذلك يقول ابن كمال باشا في رسالة تعرض فيها للتفرقة بين موضوع علم النحو وعلم المعاني:"ويشارك النحوي صاحب المعاني في البحث عن المركبات، إلا أن النحوي يبحث عنها من جهة هيئتها التركيبية صحة وفساداً، ودلالة تلك الهيئات على معانيها الوضعية على وجه السداد، وصاحب المعاني يبحث عنها من جهة حسن النظم المعبر عنه بالفصاحة في التركيب، وقبحه"، وقال:"فما يبحث عنه في علم النحو من جهة الصحة والفساد، يبحث عنه في علم المعاني من جهة الحسن والقبح، وهذا معنى كون علم المعاني تمام علم النحو". وهذا صريح في أن بحث علم النحو لا يقف به النحويون عند حد الإعراب والبناء، ولا يجعلونه دائراً على هذا الحال كما يدعي صاحب كتاب "إحياء النحو".
وإذا رجعنا إلى الكاتبين في حقائق العلوم وموضوعاتها، وجدناهم لا يفهمون إلا أن النحاة يبحثون عن أحوال الكلم من حيث دلالتها على المعاني التركيبية، فصاحب "كشاف اصطلاحات الفنون" يقول:
"علم النحو، ويسمى: علم الاعراب - على ما في شرح اللب - وهو: علم يعرف به كيفية التركيب العربي صحة وسقماً"، ثم قال:"والغرض منه: الاحتراز عن الخطأ في التأليف، والاقتدار على فهمه، والإفهام به"، ومعنى هذا: أن النحو قوانين يعرف بها أحوال التركيب؛ من نحو: الترتيب والذكر والحذف والإعراب والبناء.
وسلك صاحب "مدينة العلوم" هذا المسلك، فعرف النحو: بأنه علم باحث عن أحوال المركبات من حيث دلالتها على المعاني التركيبية النسبية، وقال: "وغايته: الاحتراز عن الخطأ في تطبيق التراكيب العربية على المعاني