الوضعية الأصلية"، ولو كان موضوع علم النحو عندهم محصوراً في حال الإعراب والبناء، لما كان علم النحو كافياً في تطبيق التراكيب العربية على المعاني الوضعية الأصلية.
وهؤلاء البيانيون يعدون فيما يخل بفصاحة الكلام التعقيد اللفظي، ويذكرون أن التعقيد يحصل بأحد أمرين:
أولهما: ضعف التأليف، وهو أن يكون الكلام مخالفاً لقوانين علم النحو؛ كالفصل بين المبتدأ والخبر، أو النعت والمنعوت، بأجنبي.
ثانيهما: اجتماع أمور كل واحد منها جائز، ولكنه خلاف الأصل؛ كتقديم المفعول على الفاعل، والمستثنى على المستثنى منه، والخبر على المبتدأ، ويقولون بعد هذا: إن كلاً من الأمرين - أعني: ضعف التأليف، ومخالفة الأصل - يعرف بعلم النحو.
ولا يصح لنا أن نتهم هؤلاء البيانيين بأنهم لم يكونوا على بينة من علم النحو، أو أنهم أحالوا عليه أشياء لا تحتوي عليها كتبه.
ثم قال المؤلف في (ص ١) "فإن النحو - كما نرى، وكما يجب أن يكون - هو قانون تأليف الكلام، وبيان لكل ما يجب أن تكون عليه الكلمة في الجملة، والجملة مع الجمل، حتى تتسق العبارة، ويمكن أن تؤدي معناها".
حقق النحاة النظر في علم النحو، وعرفوه كما يجب أن يكون، وقالوا: إنه يبحث عن أحوال التركيب، ويبين ما تكون عليه الكلمة في الجملة، والجملة مع الجمل، حتى يكون الكلام مطابقاً للمعاني الوضعية الأصلية.
وقال المؤلف في (ص ٢): "فالنحاة حين قصروا النحو على أواخر الكلمات، وعلى تعرف أحكامها، قد ضيقوا من حدوده الواسعة، وسلكوا