به طريقاً منحرفة إلى غاية قاصرة، وضيعوا كثيراً من أحكام نظم الكلام، وأسرار تأليف العبارة".
لم يقصر النحاة النحو على أواخر الكلمات وتعرفِ أحكامها، بل بحثوا في أحكام تأليف الكلام؛ من نحو: التقديم والتأخير، والذكر والحذف، واتصال بعض الكلم ببعض، وانفصاله منه، ولا يكاد باب من أبواب النحو يخلو من البحث في التراكيب من هذه الناحية، ولعل الدارس لعلم النحو في كتبه المبسوطة، يخرج منها وهو على ثقة من أنهم قد أعطوا ناحية تأليف الكلام حقها، فلا يعرض له أسلوب من الكلام إلا نقده بما استفاده من تلك الكتب، ويقضي بانطباقه على الأسلوب العربي، أو انحرافه عنه.
قال المؤلف في (ص ٣): "فطرق الإثبات والنفي، والتأكيد والتوقيت، والتقديم والتأخير، وغيرها من صور الكلام قد مروا بها من غير درس، إلا ما كان ماساً بالإعراب، أو متصلاً بأحكامه، وفاتهم لذلك كثير من فقه العربية، وتقدير أساليبها".
إذا ألقينا نظرة على علم النحو، وجدناه يبحث عن أحوال الجمل والمفردات من حيث وقوعها في التراكيب، أو عن الأحوال التي يكون بها التركيب مطابقاً للمعاني الوضعية الأصلية، أما الجمل، فنحو الجملة التي تقع خبراً، أو حالاً، أو صفة، أو معطوفة، أو شرطاً، أو جزاء، أو جواب قسم، أو مضافا إليه، أو مفعولاً ثانياً لنحو: علمت وظننت، ولم يقصر النحاة بحثهم في هذه الجمل على جهة الإعراب، بل بحثوا عن أحكامها من جهات أخرى؛ ككونها خبرية أو إنشائية اسمية أو فعلية، مقيدة بنوع خاص من الألفاظ أو مطلقة، كما بحثوا عنها من جهة موقعها في نظم الكلام، أو من جهة ما تتصل