وما ينفي الاستقبال، وما ينفى الماضي، وما يكون نفيا لمفرد، وما يكون نفياً لجملة، وما يخص الاسم، وما يخص الفعل، وما يتكرر، لأحطنا بأحكام النفي، وفقهنا أساليبها، ولظهر لنا من خصائص العربية ودقتها في الأداء شيء كثير أغفله النحاة، وكان علينا ان نتبعه ونبينه".
شأن علم النحو البحث عن أحوال ألفاظ من حيث دخولها في التركيب؛ مثل: تقديم اللفظ أو تاخيره، واتصاله أو انفصاله، وحذفه أو إثباته، وزيادته أو إفادته لمعنى، وإعرابه أو بنائه، وعمله في غيره أو إهماله عن العمل، فإذا درس النحاة حروف النفي في أبواب متفرقة، فذلك ما يناسب موضوع علمهم، إذ يذكرون الألفاظ في مقام البحث عن حال يعرض للفظ عند وقوعه في تركيب، وليس هناك حال يعرض لأدوات النفي عند التركيب، ويكون جارياً في جميع هذه الأدوات، وإنما نجد من الأحوال التي تعرض عند التركيب ما يتناول بعض أدوات النفي وغيرها من الكلم؛ كرفع الاسم ونصب الخبر يعرض لفعل نفي، وهو ليس، وأحرف نفي، وهي: ما، وإن، ولا، ولبعض أفعال الإثبات، وهي: كان وبقية أخواتها.
ولا شك أن هذه الوجوه التي تشترك فيها حروف النفي مع غيرها هي أشد صلة بعلم النحو من مجرد الاشتراك في أصل المعنى الذي وضع له اللفظ.
والواقع أن البحث عن معاني الحروف والأدوات لا يدخل في صلب علم النحو؛ إذ لم يكن بحثاً عن أحوال اللفظ من جهة وقوعه في التركيب، بل هو بحث عن المعاني التي وضعت لها هذه الكلم -؛ أعني: الحروف -، فهو إلى علم اللغة أقرب منه إلى علم النحو، ولكن النحويين لاحظوا أن هذه