الحروف روابط للتراكيب، فتعرضوا لمعانيها عند البحث عن الحال الذي يعرض لها عند التركيب؛ كالعمل أو الإعراب أو البناء أو الزيادة.
قال المؤلف:"ومثل النفي في ذلك التوكيد، يدرسونه في "باب: إن"، ويقرنون بأن المؤكدة "أن" الواصلة، و"ليت" المتمنية؛ لأنها أدوات تتماثل في العمل، وإن تباعد ما بينها في المعنى والغرض، وفي باب الفعل يذكرون نوني التوكيد وأحكامهما؛ لأثرهما في إعرابه، وفي بحث التوابع يجعلون للتوكيد باباً خاصاً يذكرون فيه عدداً من الكلمات حكمها في الإعراب حكم ما قبلها، ولو جمعت أساليب التوكيد في العربية، ما ذكر هنا، وما لم يذكر، وبين ما يكون تنبيهاً للسامع، وما يكون توكيداً للخبر، وما يكون تقوية لرغبة، لكان أقرب إلى أن تدرس كل أنواع التوكيد، ويبين لكل نوع موضعه، ولكان أدنى إلى توضيح أساليب العربية وسرها في التعبير".
فعل النحويون في التوكيد وأدواته ما يناسب صناعتهم، قرنوا إن بأن الواصلة، وليت المتمنية؛ لاشتراك الأحرف الثلاثة في حال يعرض لها بالتركيب، وهو نصب الاسم ورفع الخبر، وأوردوا الكلمات التي تستعمل للتوكيد؛ مثل: كل، وأجمع في بحث التوابع؛ لمماثلتها للتوابع في حكم ما يعرض لها بالتركيب، وهو موافقة ما قبلها في الإعراب، وذكروا نوني التوكيد في بحث الفعل حيث كان لهما عند الاتصال بالفعل أحكام خاصة لا يشاركهما فيها غيرهما من أدوات التوكيد، وهو إعراب الفعل الذي يتصلان به أو بناؤه على الوجه المعروف في ذلك البحث.
ولو سلك النحاة في ألفاظ التوكيد هذا الطريق الذي أشار به المؤلف، فجمعوها في باب، لم يكن من اللائق بصناعتهم أن يقتصروا على بيان معانيها