الذي هو في الواقع من موضوع علم اللغة، ولو تعرضوا في كل لفظ إلى الحكم الذي يعرض له في التراكيب؛ كأن يذكروا عمل "إن" في الاسم والخبر في البحث عن حروف التوكيد، ويذكروا عمل "ليت" كذلك في حروف التمني، وعمل "كأن" في بحث حروف التشبيه، وعمل "لكن" في بحث الاستدراك، لتشتت الكلام في الأحوال التي يعد البحث فيها من صلب علم النحو، وهي رفع: الاسم والخبر، وما يعرض لهما من نحو الترتيب والذكر والحذف.
ثم قال المؤلف:"والزمن جعله النحاة ثلاثة أنواع: الماضي، والحال، والمستقبل، وجعلوا للدلالة عليها صيغتين فقط: الفعل الماضي، والفعل المضارع، وكفاهم ذلك؛ لأن أحكام الإعراب لا تكلفهم أكثر منه، ولم يحيطوا بشيء من أنواع الزمن، وأساليب الدلالة عليه، وهي في العربية أوسع وأدق، يدل على الزمن بالفعل وبالاسم، وبالفعل والفعل، وبالفعل والاسم وبالحرف، ولكل اسلوب من هذه جزء من الزمن محدود يدل عليه".
ثم قال المؤلف:"وليس لهذه الأبحاث من موضع يجب أن تفصل فيه وتبين أحكامها إلا علم النحو".
قد عرفت أن علم النحو أحد العلوم العربية، لا أنه كل العلوم العربية؛ فإن علماء العربية يقسمون البحث في اللغة إلى علوم، فيقولون: البحث فيها إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها وهيئتها، فعلم اللغة، أو من حيث صورها وهيئتها فقط، فعلم الصرف، أو من حيث انتساب بعضها ببعض بالأصالة والفرعية، فعلم الاشتقاق، وأما عن المركبات فباعتبار هيئتها التركيبية، وتأديتها لمعانيها الأصلية، فعلم النحو، وأما باعتبار تأديتها لمعان مغايرة لأصل المعنى، فعلم المعاني، وأما باعتبار كيفية تلك الإفادة في مراتب