للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوضوح، فعلم البيان (١).

فهناك نحو، ولغة، وصرف، ومعان، وبيان، ولكل علم من هذه العلوم حد لا يتعداه، وعلم النحو من بينها إنما يبحث عن الألفاظ باعتبار هيئتها التركيبية، وتأديتها لمعانيها الأصلية، فنظره يتوجه إلى الأحوال التي تعرض للألفاظ عند تأليفها، وهذا لا يستدعي أن تجمع الكلمات المشتركة في الدلالة على معنى وضعت له، في بحث، إلا أن تشترك بعد ذلك في وجه من الوجوه التي يتناولها موضوع علم النحو، وهي الأحوال التي تعرض للألفاظ من حيث التركيب، وتأدية المعاني الأصلية.

ثم أعاد الأستاذ دعوى أن النحاة قصروا النحو على البحث في أواخر الكلم، وقال: "قد أخطؤوا إلى العربية من وجهين"، وقال: "الأول -؛ أي: من الوجهين - أنهم حين حددوا النحو، وضيقوا بحثه، حرموا أنفسهم وحرمونا إذ اتبعناهم، من الاطلاع على كثير من أسرار العربية وأساليبها المتنوعة، ومقدرتها في التعبير، فبقيت هذه الأسرار مجهولة، ولم نزل نقرأ العربية ونحفظها ونرويها، ونزعم أننا نفهمها، ونحيط بما فيها من إشارة، وما لأساليبها من دلالة، والحق أنه يخفى علينا كثير من فقه أساليبها، ومن دقائق التصوير بها".

قد أريناك أن النحاة لم يقصروا النحو على البحث في أواخر الكلم، وأنهم بحثوا في أحوال التأليف من كل ناحية تدخل في موضوع علمهم، ولا يسلم للمؤلف أنهم حرموا أنفسهم، وحرموا من اتبعهم، من الاطلاع على كثير من أسرار العربية وأساليبها المتنوعة، وإليك التحقيق:


(١) "شرح السيد للمفتاح".