على نوعين من الكلام"، وذكر أول النوعين، وهو إحراز اللفظ عند التركيب عن التحريف والزيغ عن معتاد العرب في نطقها، ثم قال: "والنوع الثاني: التنبيه على أصول تلك القوانين، وعلل تلك المقاييس والأنحاء التي نحت العرب في كلامها وتصرفاتها مأخوذاً ذلك من استقراء كلامها، وهذا النوع مهم، وليس بواجب، ولا هو المقصود من علم النحو، فلذلك لم يتعرض له الناظم (يعني: ابن مالك)؛ إذ لا ينبني عليه من حيث انتحاء سمة كلام العرب شيء، لكن لما كان هذا النوع لائقاً بغرض الشرح، لم أخل هذا الكتاب (يعني: شرحه للخلاصة) منه".
وتحدث المؤلف بعد هذا على كتاب "مجاز القرآن" لأبي عبيدة، ووصفه بأنه حاول أن يبين ما في الجملة العربية من تقديم أو تأخير، أو حذف، أو غيرها، ثم قال:
"ولكن النحاة - والناس من ورائهم كانوا قد شغلوا بسيبويه ونحوه، وفتنوا به كل الفتنة"، وقال: "فلم تتجه عنايتهم إلى شيء مما كشف عنه أبو عبيدة في كتابه "مجاز القرآن"، وأُهمل الكتاب، ونُسي"، ثم نقل المؤلف نحو ثلاث صفحات مما جاء في مجاز أبي عبيدة، ليبين بها كيف كان أبو عبيدة يتكلم عما يتجاوز آخر الكلمة وحكم إعرابها من سر العربية، ونظم تأليفها".
لم يرد أبو عبيدة بتأليف "مجاز القرآن" البحث عن قوانين النحو، وإنما أراد بيان ما قد يخفى فهمه من الآيات، فيقف الذهن مستكشفاً عنه، فذكر وجوهاً يدل بها على المعنى الذي يطابق استعمال الكلمات أو الجمل عربية، أو وجوهاً ينبه بها القارئ على شيء من حسن بيان الآية، وأخذها