وإذا نظرنا في هذه الصفحات الثلاث التي نقلها المؤلف من كتاب "مجاز القرآن"، وجدناها تشتمل على سبعة أحكام تتعلق بالأساليب.
أولها: إيراد الضمير مفرداً في سياق الحديث عن أمرين أو أمور، فذكر أنه قد يراعى في هذا الضمير الأول؛ كما ورد في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا (١١)} [الجمعة: ١١]، وقد يراعى في استعماله الأمر الأخير؛ كما ورد في قوله تعالى:{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا}[النساء: ١١٢].
وقد تعرض النحاة لمثل هذا البحث، إذ ذكروا في بحث الضمير شرط مطابقته لمرجعه من جهة التذكير والتأنيث والإفراد والجمع، وأوردوا آيات جاء فيها الضمير مفرداً، ومرجعه فيما يظهر متعدد، وتأولوها على وجوه لا تنافي شرط المطابقة؛ كقوله تعالى:{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}[التوبة: ٦٢]، ومن الوجوه التي ذهبوا إليها في الآية: أن عود الضمير على أحدهما لا يخل بالمعنى؛ لأن في إرضاء الله إرضاء الرسول، وفي إرضاء الرسول إرضاء الله.
ثانيها: ما عبر عنه أبو عبيدة بمخاطبة الغائب، ومعناه: الشاهد، وقال في قوله تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: ١ - ٢] مجازه: هذا القرآن. واستعمال أسماء الإشارة الموضوعة للبعيد، في مشار إليه قريب، قد تعرض له علماء المعاني، وجعلوه من موضوع علمهم (١).
ومن النحويين من يتعرض له، ويسوقه في تأليفه النحوي على طريق البسط، ومن هؤلاء: العلامة الرضي؛ فقد بحث في وجوه استعمال الإشارة،