وتعرض لاستعمال اسم الإشارة البعيد في مشار إليه قريب، وقال في أثناء البحث:"ويجوز أن يكون قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}[البقرة: ٢]، من باب عظمة المشار إليه، أو المشير (١).
ثالثها: الانتقال من مخاطبة الشاهد إلى مخاطبة الغائب، قال هذا في تفسير قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}[يونس: ٢]، وقد أشار بهذا إلى النوع المسمى: بالالتفات، والالتفات قد تناوله علماء الأدب في القديم؛ كابن المعتز، وقدامة، وأدخلوه في مباحث علم البيان.
وإذا ترك النحاة البحث في الالتفات إلى علماء البديع، فلأنه يرجع إلى وجه من وجوه حسن البيان، وقد وجهوا أنظارهم إلى استعمال الضمير مكان آخر يوافقه في المعنى، كما بحثوا عن صحة مثل قولك: أنت الذي أكرمتني، أو أنا الذي قمت، مكان: أنت الذي أكرمني، وأنا الذي قام، فأجازوه، وبحثوا عن مثل قولك: الذي أكرمتك أنا، أو الذي أكرمتني أنت، فمنعوه، فالحق أن النحاة لم يتركوا البحث عن وجه من وجوه نظم الكلام إلا أن يدعوه لفن يرونه أحق به من فنهم.