عربي صحيح، وساقوا عليه شواهد من القرآن والحديث والشعر، وتحدث عنه البيانيون في بحث توكيد المسند إليه من جهة ما يقتضيه من الأحوال.
خامسها: تقديم المؤخر، وتأخير المقدم، وساق عليه قوله تعالى:{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}، وقال:"أراد: ربت، واهتزت".
والنحاة يتعرضون لمثل هذا بما يقولونه من أن العطف بالواو لا يفيد ترتيباً، فيجوز لك أن تعطف بها المتأخر في الواقع عن المتقدم، ولا تعد بما فعلت مخطئاً الأسلوب العربي.
وإذا أجاز النحاة تقديم المؤخر على معنى أنه لا يخرج بنظم الكلام عن الأسلوب العربي الصحيح، بقي للباحث عن البلاغة النظر في وجه تقديم كذا في النظم، وهو مؤخر في المعنى.
سادسها: أن يكون الحديث عن سبب شيء، فتحول الحديث عن السبب إلى الشيء نفسه، قال: هذا في معنى قوله تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}[الشعراء: ٤]؛ فإنه حول الخبر، وهو وقوله {خَاضِعِينَ} عن الأعناق إلى من أضيفت إليهم الأعناق.
وقد تعرض النحاة في بحث جمع المذكر السالم لوجه ورود {خَاضِعِينَ} في الآية وصفاً للأعناق على خلاف المعروف من أن وصف غير العاقل لا يأتي على هذا الجمع، فقال الرضي: "وقد شبه غير أولي العلم بأولي العلم في الصفات إذا كان مصدر تلك الصفات من أفعال العلماء؛ كقوله تعالى:{قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت: ١١]، وقوله:{فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}، وقوله:{رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}[يوسف: ٤]، ومثله في الفعل:{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[يس: ٤٠].