أراد الشيخ أن يحقق البحث عن منشأ هذه الفصاحة وموطنها، فأنكر أن تكون من صفات الألفاظ المفردة، والكلم المجردة، وقرر أنها من صفات الألفاظ باعتبار إفادتها المعاني عند التركيب.
وكلمة النظم يطلقها الشيخ، ويريد بها: تطبيق الكلام لمقتضى الحال، فيقول مرة:"النظم هو توخي معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يصاغ لها الكلام"، ومعنى توخي معاني النحو: إيرادها على حسب الأغراض، ومعاني النحو هي: التقديم والتأخير، والحذف والذكر، والتكرار والإضمار، والتعريف والتنكير، ونحو ذلك. ويقول مرة:"ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله".
والقوانين التي أشار إليها هي أحكام المبتدأ والخبر، والفاعل والمفعول، والحال والتمييز، والمضاف والمضاف إليه، والتوابع، والشروط والجزاء، وغيرها، وأحكام هذه الأبواب ترجع إلى الإعراب، والتقديم والتأخير، والحذف والذكر، وغير ذلك مما يبحث عنه في علم النحو.
ومعنى وضع الكلام الموضع الذي يقتضيه علم النحو: أن تضع كل واحد من مفرداته ومركباته، موضعه الذي يقتضيه علم النحو، ووضع المفردات والمركبات على وفق النحو لا يكفي لارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول إلا بعد أن يفيد الأغراض التي تراد منه، ووضع المفردات والمركبات على وجه يفيد هذه الأغراض، قد تهدي إليه السليقة، وقد تساعد عليه معرفة علم المعاني.
ومعنى العمل على قوانين النحو: أن يكون تأليف الكلام على طبق قوانين النحو؛ بأن لا يرتكب فيه ضعف التأليف، أو التعقيد اللفظي، ولكن