في النحو، وعبد القاهر يدلنا في فاتحة كتابه أنه مؤلف في فن البيان؛ إذ قال بعد الحديث عن شرف العلم:"ثم إنك لا ترى علماً هو أرسخ أصلاً، وأبسق فرعاً، وأحلى جنى، وأعذب ورداً، وكرم نتاجاً، وأنور سراجاً، من علم البيان الذي لولاه، لم تر لساناً يحوك الوشي ... الخ".
وسمى الشيخ علم البيان: علمَ الفصاحة، فذكر أن القرآن كان معجزاً بالمزايا التي ظهرت في نظمه، والبدائع التي راعت العرب، وأنه يجب على العاقل أن يبحث عن تلك المزايا والبدائع ما هي؟ ولم هي؟ وكيف هي؟ ثم قال:
"ولا يمكن ذلك إلا بالبحث عن حقيقة المجاز والحقيقة، والاستعارة والتشبيه والتمثيل، وحقيقة النظم، والتقديم والتأخير، والإيجاز والحذف، والوصل والفصل، وسائر وجوه المحاسن المعتبرة في النظم والنثر"، ثم قال:"وإذا ثبت ذلك، كان العلم الباحث عن حقيقة الفصاحة، والكاشف عن ماهيتها، والمتفحص عن أقسامها؛ والمستخرج لشرائطها وأحكامها، والمقرر لمعاقدها وفصولها، والملخص المحرر لفروعها وأصولها، باحثاً عن أشرف المطالب الدينية، وأرفع المباحث اليقينية".
قال المؤلف:"وآخرون منهم أخذوا الأمثلة التي ضربها عبد القاهر بياناً لرأيه، وتأييداً لمذهبه، وجعلوها أصول علم البلاغة، سموه: علم المعاني، وفصلوه عن النحو فصلاً أزهق روح الفكرة، وذهب بنورها، وقد كان أبو بكر يبدي ويعيد أنها معاني النحو، فسموا علمهم: "المعاني"، وبتروا هذا الاسم البتر المضلل".
قد أريناك أن الشيخ عبد القاهر قد ذكر علم النحو، وقرر أن هناك علماً