كثير الفنون، فلا يتيسر لعلماء اللغة اليوم أن يبرعوا فيه كما برع فيه كثير من اللغويين من قبل إلا بمجهود كبير، وعناية متناهية.
ومن هنا شعر الناس في هذا العصر بالحاجة إلى إنشاء مجمع لغوي عربي يقوم بوضع مصطلحات العلوم؛ كي تسير اللغة الفصحى مع العلوم كتفًا لكتف.
وأخذ مجمع اللغة العربية يعمل لهذه الغاية المنشودة، ووجد في ميسوره أن ينقل العلوم - وبينها علم الطب على اختلاف فنونه، وكثرة مصطلحاته - إلى العربية الفصحى. تجد في المعاجم ألفاظاً كثيرة تتصل بهذا العلم، وهذه الألفاظ إما أن تكون نصاً في المعنى الطبي؛ نحو:"مثير" بمعنى الموضع الذي تلد فيه المرأة، فلو أطلقناه على الحجرة، أو الغرفة المعدة في المستشفى للولادة، كان استعمالاً للفظ في معناه العربي من غير تصرف فيه.
وأذكر بهذه المناسبة أني رأيت الطبيب أبا المؤيد محمد بن الصائغ الجزري ينهى في وصية له طبية عن أن يلتزم الإنسان في غذائه طعاماً خاصاً، فيقول:
إياك تلزأ كل شيء واحد ... فتقود طبعك للأذى بزمام
ووجدت لهذا المعنى بعد ذلك كلمة عربية هي: المرازمة، فقد شرحتها المعاجم بأن لا يداوم الإنسان في عيشه على طعام خاص.
ويلحق بمثل هذه الألفاظ المطابقة لمعناها: أن تذكر المعاجم في بيان مفهوم اسم المرض- مثلاً - سبب المرض، كما قالت:"السواد": داء يأخذ الإنسان من كل التمر يجد منه وجعًا في كبده، فنرى أن ذكر السبب لا يجعل الاسم خاصًا بما ينشأ عن هذا السبب، فإذا ظهر من طريق علم الطب