للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إضافة بعض قيود إلى أصلها. وهم لا يكتفون في إطلاق اسم الشيء على ضده بعلاقة التضاد، حتى يفيد معنى لطيفًا؛ كالتهكم في تسمية قبيح المنظر: قمرًا، أو التفاؤل؛ كتسمية الصحراء: مفازة، أو اللسيع: سليمًا. ولا يجيزون تسمية شيء باسم ما كان له، ثم انقطع متى صار الشيء متلبسًا بضد ما كان عليه؛ كمن صار إلى الشيخوخة، ليس لك أن تطلق عليه اسم الطفل، مراعيا علاقة أنه كان طفلًا. فإن سميته طفلًا لصغر عقله، أو قلة تجاربه، فقد خرجت عن علاقة التضاد، إلى علاقة المشابهة.

ولا يكتفون في إطلاق الجزء على الكل بعلاقة الجزئية، حتى يكون للجزء اختصاص بالمعنى الذي يقصد من الكل. نحو: "عين" يستعمل في "الجاسوس"؛ لأن للعين مزيد اختصاص بحرفة التجسس.

وللذوق السليم بعد هذا التحقيق مدخل في الحكم على بعض الاستعمال المجازي، بالرد أو القبول. وإطلاق الحلواء على البنين (١) لا يخلو من علاقة المشابهة، ولكن الذوق يمجه، كما يمج استعارة ماء الملام (٢).

* النقل:

يذكر الكاتبون في طرق استعمال الألفاظ: المجاز، والنقل، وقد يختلف علماء العربية، أو يترددون في لفظ أخذ من معنى إلى آخر: أطريق أخذه المجاز، أم النقل؟. فالنقل إذاً طريق من طرق استعمال اللفظ يقع في


(١) إشارة إلى قول أبي الطيب المتنبي:
وقد ذقت حلواء البنين على الصبا ... فلا تحسبني قلت ما قلت عن جهل
(٢) إشارة إلى قول أبي تمام:
لاتسقني ماء الملام فإنني ... صب قد استعذبت ماء بكائي