قد يغلب استعمال اللفظ في معنى على سبيل المجاز، حتى يصير المعنى المجازي هو الذي ينساق إليه الذهن عند الإطلاق، وذلك ما يسمى في عرف البيانيين:"المجاز الراجح"، وإذا صار اللفظ لغلبة استعماله في المعنى المجازي لا يفهم منه عند التجرد من القرينة إلا هذا المعنى، سُمِّي: منقولًا، وكان النقل اسماً لغلبة هذا الاستعمال.
وعلى هذا الوجه من النقل حمل كثير من العلماء الألفاظ الإسلامية؛ كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وقالوا:"إن الشارع نقل هذه الألفاظ من معانيها اللغوية، واستعملها في معانيها الشرعية على سبيل المجاز، ثم غلب استعمال الناس لهذه الألفاظ في هذه العبادات على الوجه الذي استعملها عليه الشارع، حتى صارت مجازاً راجحًا، فتكون هذه الألفاظ الإسلامية بالنظر إلى أصل استعمال الشارع من قبيل المجاز اللغوي، صدر التجوز فيها من الشارع نفسه، ثم صارت بغلبة الاستعمال المسماة بالنقل، حقائق في عرف حملة الشريعة" ...
وعلى هذا الوجه من النقل أيضا يجري جانب كبير من الأسماء المستحدثة في العلوم وغيرها، كما أطلق الفقهاء على اتباع قول أحد العلماء تقليدًا، والتقليد: وضع القلادة في العنق؛ كأن المتبع جعل قول غيره قلادة في عنقه، وكما أطلق العروضيون على حذف الثاني من "متفاعلن": وَقْصًا، والوقص في الأصل: كسر العنق؛ كأن حذف الشاعر للحرف الثاني المتحرك من "متفاعلن" كسرٌ للعنق الذي هو العضو الثاني بالنسبة إلى الرأس، ويدخل في هذا الوجه: نقل كلمة "البرق" إلى "تلغراف"، وكلمة "المدرعة" أو