الاشتراك في الألفاظ يعد مرضاً من أمراض اللغة، التي يجب النظر في طرق علاجها، ولا سيما ألفاظاً تشترك فيها معان كثيرة.
فإذا عمدنا إلى كلمة "القطار" - مثلاً -، ونقلناها من الإبل، تجئ على نسق إلى مجموع مراكب "عربات" السكة الحديدية، كنا قد داوينا حاجتنا إلى وضع اسم لمجموع هذه العربات بأمر يقتضي قانون الفصاحة أن نعمل لنقصه، لا للازدياد منه، وهو اشتراك المعاني المتعددة في كلمة واحدة.
وهذا ما يتعلق به بعض من يميل إلى استعمال الأسماء الأجنبية، ويؤثره على أن نتخير لها أسماء عربية، فقال: وضعُ الكلمة العربية لمعنى جديد، وقد وضعت من قبل لمعنى آخر، يصيرها من قبيل المشترك، فبعد أن يكون لها معنى يتبادر إلى الذهن عند سماعها، يلابسها شيء من الإبهام لا ينكشف إلا بنصب قرينة.
ونحن نرى أن المعاني التي تشترك في اللفظ الواحد قد تختلف مواطنها اختلافاً بعيداً؛ كان يكون لها معنى يرجع إلى الشؤون المدنية، ومعنى آخر يرجع إلى مصطلحات علم خاص؛ كالنحو، أو الطب، أو الحساب، والاشتراك في هذا القبيل لا باس به؛ فإن مقام البحث أو المحاورة يعين أحد المعنيين، ويتجه بذهن المخاطب أو القارئ إلى المعنى المراد، حتى كأن اللفظ لا معنى له غير ما قصد في ذلك الكلام الخاص، ومن ذا الذي يأخذ كتاباً في النحو - مثلاً -, أو يشهد درساً، أو محاورة في بعض مباحثه، فيمر على كلمة الفاعل أو المفعول، أو الظرف أو المجرور أو الحال، ولا يذهب توًا إلى المعنى الذي يريده النحاة من هذه الأسماء؟.
أما إذا كانت المعاني المشتركة في اللفظ الواحد ترجع إلى جهة واحدة؛