للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأن تكون راجعة إلى علم واحد، أو يكون كل منها يجري في الشؤون السياسية أو الإدارية أو الصناعية، فذلك هو الاشتراك الذي ينبغي لنا أن نتحاماه، حتى تكون المعاني سهلة المأخذ من الألفاظ.

ثم إننا - وإن رأينا إبقاء طريق المجاز والنقل مفتوحًا في وجوه العاملين لحياة اللغة- لا نريد إطلاق العنان فيها ما أمكن، بل نرى في كتب اللغة المبسوطة ألوفًا مؤلفة من الألفاظ التي لا تجري في مخاطبات الجمهور، ولا ترد في كلام أدباء العصر، وإن وردت، فعلى وجه الندرة، فيمكننا أن نرجع إلى هذه الألفاظ المهجورة، وننتقي منها ما يسد الحاجة، ويصلح لأن يكون غذاء للغة حية راقية، مؤثرين له على الأسماء الأجنبية التي لا تمت إلى العربية بسبب، ولا تلتقي معها في أب ولا جدّ، وسلامة الذوق وجودة الاختيار كفيلان بأن نسوق إلى ميدان الحياة اللغوية ما يجري على الألسنة جريان الألفاظ المأنوسة في الاستعمال، وليس كل غريب يثقل على السمع، ولا كل مهجور ينبو عنه الطبع، ومثال هذا: أننا نرى لأوعية الأمتعة أسماء كثيرة، ومنها ما أصبح غريبًا لا يراه الناس إلا في كتب اللغة المبسوطة، أو في شعر قديم لا يدور على ألسنة الأدباء إلا قليلاً؛ مثل: "الوفضة": اسم لما يضع فيه الراعي زاده وأدواته، و"الكنف": اسم لوعاء أداة الراعي، أو وعاء أسقاط التاجر، و "الزنفليجة": وعاء شبه الكنف، و"العيبة": زبيل من أدم (١)، وما يجعل فيه الثياب، و"الخريطة": وعاء من أدم يشرج (٢) على ما فيه.


(١) اسم جمع للأديم، وهو الجلد.
(٢) يشرج: يشدّ.