العربي، نبه على هذه المخالفة، وذكر الوجه الذي يكون به الأسلوب عربيًا فصيحاً.
وفي دراسة هذه اللهجات معرفة مقدار بُعدها عن العربية. والمجهودات التي تبذل في إصلاحها تكون على قدر ما عرف من هذا البعد؛ فقد يظن بعض أهل العلم أن اللغة الدارجة في طرابلس الغرب، أو في المغرب الأقصى بعيدة عن العربية أشد البعد، ويرى أن العودة بها إلى العربية المستقيمة أمر متعسر أو متعذر، ولكنه متى درسها بنفسه، أوقرأ كتبًا بحثتها بحثًا علميًا وافيًا، يعرف أنها لم تبعد عن العربية إلى الحد الذي سبق إلى ظنه، فيقوى أمله في السعي لإعادتها إلى العربية السليمة، ويعمل لتحقيق هذا الأمر مجتهداً.
وأذكر أني كنت ممن يحسبون أن لهجة بلاد الجزائر قد بعدت من العربية إلى أقصى غاية، حتى أخذت أدرس مفرداتها، وأرجع فيما أشتبه فيه إلى معجمات اللغة، فوجدت أكثرها من أصل العربية، غير أنهم يحرفونه بنحو تبديل بعض الحركات أو الحروف، أو بصوغه على غير قياس، أو يتصرفون فيه باحد طرق المجاز، ويغلب استعماله في المعنى المجازي حتى يصبح حقيقة في عرفهم الخاص.
ونجد في لهجة كل قطر ألفاظاً عربية فصيحة دارجة بين عامتهم، ولابتذالها في ألسنة العامة يتحاماها الكتاب والشعراء والمؤلفون، وقد تكون هذه الألفاظ عند أدباء قطر معدودة في غريب اللغة؛ لعدم جريانها في لهجتهم، وقلة ورودها فيما قرب مأخذه من كلام العرب، ومثال ذلك: أنك ترى العامة في بلاد بصحراء الجزائر يقال لها: "سوف" يستعملون لفظ: كرف بمعنى: