الشم، فيقولون: كرفت؛ أي: شممت. وفي "القاموس": كل ما كرفته، فقد شممته. وأدباء تلك الناحية يتجنبون استعمالها بهذا المعنى؛ لابتذالها، وربما يعدها بعض الأدباء في بلاد الشرق من غريب اللغة، فيترك استعمالها لغرابتها، لا لابتذالها. ولو أرسلت في إيراد ما يشاكل هذه الكلمة في ابتذاله بين أهل قطر، وعده غريباً عن آخرين، لأتيت بكلم كثير.
فبحثُ المجمع في لهجات البلاد العربية اليوم وأساليبها، واستكشافُ ما دخلها من ضروب الفساد، ثم التنبيهُ على وجوه صحتها في مجلته، أو في مؤلفات خاصة، نراه من أقرب الوسائل إلى إصلاح هذه اللهجات، وإعادتها إلى أصلها العربي الفصيح.
ولا يغني عن هذه الدراسة أن يحيل أهل تلك اللهجات على معجمات اللغة، وكتب النحو؛ فإن أكثر الناس يأخذهم التعود على النطق بلفظ أو أسلوب غير عربي، فلا يتنبهون لوجه الخطأ في استعماله.
ومثل هذا التعود كان السبب في انتشار أخطاء كثيرة، حتى بين الأدباء والمؤلفين من أهل العلم، ولم ينكشف للناس أمرها إلا بعد أن قام رجال من العلماء الراسخين في اللغة، فأقبلوا يتتبعون بقدر ما استطاعوا تلك الألفاظ التي يخطئ في استعمالها الخواص من الناس، فنقدوها، وبيَّنوا وجه استعمالها الصحيح، فتجنبها من يتحرَّى النطق والكتابة بالعربية الفصحى.
وإذا وجد أفراد خدموا اللغة بإصلاحِ جانبٍ من أخطاء طرأت عليها، وأنقذوا ألسنة كثيرة وأقلامًا من معرَّة تلك الأخطاء، فجدير بمجمع اللغة العربية الملكي أن يقوم بعمل أوسع من عمل أولئك الأفراد، وأعظم منه أثراً، وهو أن يدرس لهجات الأقطار العربية من ناحية ما دخل في ألفاظها وأساليبها من