وابن قتيبة، وابن حبيب، وابن الأنباري، وابن هلال، والشيخ طاهر الجزائري، تجمع الأنواع الثلاثة، ولا تختص بما تحدث عنه البيانيون، وهو المجاز المركب الذي يفشو استعماله. يلزم في المثل: أن يكون قولاً موجزاً شائعاً، وقد يكون حكمة؛ أي: كلاماً ينهى عن سفه، أو يدعو إلى خير، نحو:"إنَ المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقي"، وهو مثل يضرب لمن يجهد نفسه في طلب الشيء، ويبالغ في الطلب، حتى إنه ربما يدركه التعب أو الملل، فينقطع دون البلوغ إلى الغاية.
وقد يكون خالياً من الحكمة بالمعنى المشار إليه، ولكنه يدل على معنى مقبول؛ كالأمثال الصالحة للاعتذار؛ نحو:"مكره أخاك لا بطل".
والحكمة التي تؤدي إلى ما يؤديه المثل، إلا أنها لم تشع في الجمهور، ولم تجر إلا بين الخواص، يسميها بعض الأدباء بالنادرة.
ومن الأمثال ما يكون كلاماً مستقلاً بنفسه، نحو: (حُبُّك الشيءَ يُعمي وُيصم"، ونحو: "ربَّ أخ لك لم تلده أمك". وقد يكون مقتطعًا من كلام؛ نحو: "إن المقدرة تذهب الحفيظة". قال أبو عبيد: بلغنا هذا المثل عن رجل عظيم من قريش في سالف الدهر كان يطلب رجلاً بثأر، فلما ظفر به، قال: لولا أن المقدرة تذهب الحفيظة، لا نتقمت منك. ثم تركه. وإلى هذين الضربين من الأمثال أشار المرزوقي في كتاب "الفصيح"، فقال: المثل جملة من القول مقتضبة من أصلها، أو مرسلة بذاتها، فتتسم بالقبول، وتشتهر بالتداول.
يقول علماء الأدب: إن الأمثال لا تُغير، بل تجري كما جاءت، حتى إنهم يحافظون عليها، وإن جاءت على بعض الوجوه الشاذة. قال الزجاج