في "شرح أدب الكاتب": الأمثال قد تخرج عن القياس، فتحكى كما سمعت، ولا يطرد فيها القياس، فتخرج عن طريقة الأمثال. وقال المرزوقي: من شرط المثل: أن لا يغير عما يقع في الأصل، ألا ترى أن قولهم:"أعطِ القوس باريها" تسكن ياؤه، وإن كان التحريك الأصل؛ لوقوع المثل في الأصل على ذلك.
ويتصل بهذا: أن لا يغير المثل ليوافق حال من ضرب في شأنهم؛ من نحو التذكير والتأنيث، أو الإفراد والتثنية والجمع، بل يستعمل باللفظ والحال التي نطق به العربي في أول ما نطق به (١).
والعلَّة العامة في امتناع تغيير ما يسمى مثلاً: أن تغييره يخرجه عن أن يكون اللفظ المتداول المشهور، وفي امتناع تغيير المثل الذي يستعمل على وجه الاستعارة علة خاصة، هي أن الاستعارة مبنية على استعمال لفظ المشبه به، ولو غير المثل؛ كأن قلت: (الصيف ضيعتَ اللبن"- بفتح تاء الخطاب -، لما كان لفظ المشبه به مستعملاً في المشبه بعينه، ومن تصرف في المثل بالتغيير، كان مشيرًا إلى المثل، لا ضارباً للمثل نفسه.
وقد عد علماء الأدب فيما يجب أن يعرفه الكاتب والشاعر: الأمثال العربية. قال ابن الأثير في "المثل السائر": وكنت جردت من كتاب "الأمثال" للميداني أوراقاً خفيفة تشتمل على الحسن من الأمثال الذي يدخل في باب الاستعمال.
وإذا كان في الأمثال حكمة وبلاغة، كان في العناية بجمعها ودرسها وسيلة من وسائل ترقية التحرير والخطابة.
(١) قال الزمخشري: لم يضربوا مثلاً إلا قولاً فبه غرابة من بعض الوجوه، ومن ثم حوفظ عليه، وحمي عن التغيير.