الجمع متوجه إلى الجنس، والجنس يحصل بلفظ الواحد، إذاً لا داعي لنسبه بلفظ الجمع.
وربما جال في خاطرك أن النسب قد يقصد به مجرد إفادة صلة المنسوب بجنس المنسوب إليه؛ كأن يقصد المتكلم إفادة أن لفلان علاقة بالفواكه، أو الكتب من جهة تعاطيه بيعها، فيكفي في هذا الحال أن نقول: فلان فاكهي، أو كتابي، وقد يتعلق الغرض من النسب بإفادة معنى لا يؤديه إلا النسبة إلى الجمع، كأن يكون لإنسان نسختان من كتاب، اشترى إحداهما بدينار، والأخرى بثلاثة دنانير، وتريد أن تستعير منه النسخة ذات ثلاثة الدنانير، فإنما تبلغ مرادك بنسبة الكتاب إلى الجمع، فتقول: أعرني النسخة الدنانيرية.
وجواب هذا: أن العرب اعتمدوا في دفع ما يدخل النسب من اللبس على القرائن المقالية أو الحالية. وفي هذا الباب - أعني: باب النسب - صيغٌ لا يفهم المراد منها إلا إذا صاحبتها قرينة، ففعيلة - مثلاً - وفَعَل ينسب إلى كل منها على وزن فعليّ، فإذا قلت: فلان "شَرَفيّ"، لم يدر إلى شرف نسبته أم إلى شريفة؟ وإنما يعرف قصدك بقرينة حال أو مقال.
وقد يبدو لك أن في النسبة إلى الجمع معانيَ غير رفع اللبس، لا تؤديها النسبة إلى الواحد؛ كتعظيم المنسوب؛ نحو أن تصف شخصاً لقي حظوة ومكانة عند ملوك متعددين بأنه "مُلوكيّ"، وتراه أدلَّ على تعظيمك من قولك:"ملكيّ"، أو تحقيره؛ نحو أن تصف أخلاق شخص يضع نفسه مواضع المهانة بأنها كلابيّة، وتراه أبلغ في ذمه من قولك: كلبية.
وجواب هذا: أن العرب لم يتخذوا النسب طريقاً إلى مثل هذه الأغراض، بل كانوا يصلون إليها بطرق أخرى؛ كالإضافة والموصولية والوصف، وكذلك