لم يستطيعوا تعريف القرويين وأبناء البلديين علوم العروض والنحو، وكذلك أصحاب الحساب قد اختلقوا أسماء، وجعلوها علامات التفاهم".
ونبه أبو علي ابن سينا في كتاب "القانون" على طرق يسلكونها لتسمية الأمراض التي لم يضع لها العرب أسماء خاصة، فقال: "قد تلحقها التسمية من وجوه: إما من الأعضاء الحاملة لها؛ كذات الجنب، وذات الرئة، وإما من أعراضها؛ كالصرع، وإما من أسبابها؛ كقولهم: مرض سوداوي، وإما من التشبيه؛ كقولهم: داء الأسد، وداء الفيل، وإما منسوباً إلى أول من يذكر أنه عرض له؛ كقولهم: قرحة طيلانية منسوبة إلى رجل يقال له: طيلاني، وإما منسوباً إلى بلدة يكثر حدوثه فيها؛ كقولهم: القروح البلخية، وإما منسوباً إلى من كان مشهوراً بالإنجاع في معالجتها؛ كالقرحة السيروتية، وإما من جواهرها وذواتها؛ كالحمى، والورم".
فإذا كان جماعات العلوم والفنون وضعوا من المصطلحات ما ألفت فيه كتب مستقلة، ونظر الناس إلى ما صنعوه بإعجاب واستحسان، فلو أن جماعة من العلماء في العهود الماضية أقبلوا على ما يرجع إلى الصناعات والشؤون الحيوية من الأشياء المحدثة، وأخذوا يضعون لها أسماء على نحو مصطلحات العلوم، لم يجدوا - فيما أحسب - منكراً يزعم لهم أن هذا اجتهاد في اللغة، وأن باب الاجتهاد مقفل.
ذكر الأستاذ: أن اللغة واسعة سعة عظيمة أكثر من اللازم، وضيقة في مواضع أخرى ضيقاً شديداً أكثر من اللازم، ثم قال: "وعلاج ذلك في نظري أمور".
وأورد في صدر هذه الأمور: التخفيف من كثير من مفردات اللغة التي