للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنها: قول عمر بن الخطاب: "أما بعد: فاستعينوا على الناس وكل ما ينوبكم بالصبر والصلاة، وأمر الله أقيموه، ولا تدهنوا فيه، وإياكم والعجلة فيما سوى ذلك، وارضوا من الشر بأيسره؛ فإن قليل الشر كثير".

وكون المعنى في نحو: "إياك والأسد" على قصد التحذير، لا يقتضي تقدير عامل النصب من مادة حذر، كما أن القصد من نحو: "أخاك أخاك" هو الإغراء، ولا يصح أن يقدر عامل النصب هنالك من مادة أخرى.

وأما دعوى كاتب المقال أن الواو الداخلة على المحذر منه زائدة، فكلمتنا في نقده هي أن الألفاظ وضعت للدلالة على ما يقوم بالنفس من المعاني، فأصل الكلام أن يكون لكل كلمة منه معنى يقوم بنفس المتكلم، ويريد نقله إلى نفس المخاطب، فلا يصح لأحد أن يدعي زيادة كلمة في صيغة من صيغ الكلام إلا حيث يعجز الناس عن أن يذكروا لها معنى يلائم الغرض الذي صيغ له الخطاب، وقد وجد النحويون حروفاً ترد في مواضع من التراكيب مرة، وتسقط منها مرة أخرى، دون أن يظهر لها عندما تذكر معنى زائد على ما يفيده التركيب الخالي منها، فحكموا بزيادتها، مثل "أنْ" الواردة بعد "لما"، و "ما" الواردة بعد بعض حروف الجر.

وهؤلاء الذين يحكمون في بعض الحروف بالزيادة، لا يجيزون حمل كلمة على الزيادة إلا إذا تعذر فهم التركيب على وجه تحمل فيه على أحد معانيها الأصلية، قال الرضي في "شرح الكافية": "والأصل عدم الحكم بالزيادة ما كان للحكم بالأصالة محتمل". والنحويون قد فهموا من صيغة التحذير أن الواو عاطفة، وذكروا في تقدير عامل النصب وجهاً يلائم العطف، فصرْف الواو إلى الزيادة مع إمكان بقائها عاطفة خروج عن الأصل.