للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عما نستسيغه الآن.

ثم إننا إذا وجدنا جملتين عطفت إحداهما على الأخرى، وكانت إحداهما صريحة في طلب أو نهي، والأخرى قد حذف منها المسند، وساعد المعنى على أن يقدر المسند فعلاً مضارعاً، أو فعل طلب، فمراعاة التناسب تقتضي أن يكونا متفقين في الطلبية، وقد وجدنا العرب يأتون بصيغة التحذير معطوفة على أمر أو نهي، أو معطوفاً عليها أمر أو نهي، ومن أمثلة ذلك البيت الذي ساقه كاتب المقال، أعني قوله:

ولا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه

فإن قوله: "وإياك وإياه" معطوف على قوله: "ولا تصحب".

ومما عطف فيه النهي على صيغة التحذير قول أمية بن طارق الأسدي:

إياك والظلم المعبس إنني ... أرى الظلم يغشى بالرجال المغاشيا

ولاتك حفّاراً بظلفك إنما ... تصيب سهام الغي من كان غاويا

فقوله: "ولا تك حفّاراً" معطوف على قوله: "إياك والظلم". ومن هذا الباب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذبُ الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا".

ومما عطف فيه الأمر على صيغة التحذير قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب، وليذِّك لكم الأسلُ والرمح"، فقوله: "وليذك" معطوف على قوله: "إياي وأن يحذف". ومن هذا الباب قوله - رضي الله عنه -: "إياكم والبطنة؛ فإنها مكسلة عن الصلاة، ومفسدة للجسم، ومؤدية إلى السقم، وعليكم بالقصد في قوتكم".

ومما وردت فيه صيغة التحذير بين أمر ونهي تقدما عليها، وأمر تأخر