للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على معنى أن المطلوب من المخاطب تبعيد نفسه من الشر، وتبعيد الشر منه، وذلك قصد المحذر، والمباعدة يصح تسليطها على المحذر الذي هو المخاطب، والمحذر منه وهو الشر.

أما الذين يجعلون الصيغة من قبيل عطف الجمل، فيقدرون للمحذر عاملاً من نحو احذر، فلكل من المحذر والمحذر منه عامل يصح تسليطه عليه في اللفظ والمعنى.

قال كاتب المقال: "وأنت إذا قلت: إياك والشر، فالمعنى القريب لهذه الصيغة: أحذرك والشر، ولكن هذه الواو لا تستقيم أن تكون للعطف في هذا المعنى القريب لهذه الصيغة؛ لأن هذا العامل الذي قدرناه، لا يصح تسليطه على ما بعدها؛ إذ لا يصح أن تقول: احذر الشر، كما تقول: أحذرك؛ لأن الشر محذر منه، لا محذر كالمخاطب، وللواو استعمالات كثيرة غير استعمالها في العطف، وإذا عرضنا هذه الواو التي معنا على تلك الاستعمالات، وجدنا أقربها إليها أن تكون زائدة".

يتلخص تأويل كاتب المقال لصيغة التحذير في تقدير "احذر"، وجعل الواو في المحذر منه زائدة، أما تقدير احذر، فإن صح، إنما يصح في الصيغة المبدوءة بضمير المخاطب "إياك"، أما الصيغة المبدوءة باسم مضاف إلى المخاطب؛ نحو: رأسَك والسيَف، فإن فعل احذر غير صالح للعمل فيها؛ إذ لا يصح أن يقال: احذر رأسك والسيف، فلا بد من تقدير فعل من نوع ما يقدره النحاة، وهو: باعدْ أو نخِّ، وإذا رأى كاتب المقال نفسه مضطراً إلى العدول عن "احذر" في هذا القسم من التحذير، لزمه أن يسلم أن تقدير باعد أو نح، في نحو إياك والشر، لا يعد في قبيل التعقيد والخروج