للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجزاء الكلام لظهور معناه، أيسرُ من الحكم على بعضها بالزيادة.

قال كاتب المقال: "فلتكن تلك الواو التي ترد في صيغة التحذير داخلة على المحذر منه، زائدة، لا عاطفة؛ لأنك تقول: إياك والشر، كما تقول: إياك الشر، سواء بسواء، وهذه هي علامة الزيادة، الواو ونحوها من الحروف الزائدة، فيكون إعراب الصيغتين واحداً، وإياك فيها مفعول أول، والشر مفعول ثاني، ولا فرق بينها إلا زيادة الواو في الأولى دون الثانية".

يُحكَم على الحرف بالزيادة إذا لم يوجد وجه لحمله على معنى معروف في الاستعمال، أو معنى يناسب الغرض الذي سيق له الكلام، ولا يكفي في الحكم على الحرف بالزيادة أن يذكر في التركيب مرة، ويسقط منه مرة أخرى على وجه الندرة، ويكون المعنى مستقيماً في الحالين؛ فإن شأنهم فيما ورد مقروناً بحرف له معنى وروداً غالباً، ثم ورد على وجه الندرة غير مقرون بهذا الحرف: أن يحملوا الكلام على وجه يلائم المعنى المعروف للحرف، ويحملوا تلك الأمثلة النادرة على وجه لا يخدش في أصالة ذلك الحرف، وهذا حال صيغة التحذير من نحو قولك: "إياك والأسد"؛ فقد وردت مقرونة بالواو في كلام الفصحاء، ولم ترد مجردة من الواو إلا في قول نادر، ولما رأى النحويون حمل الواو الواردة في غالب الكلام الفصيح على العطف لا ينبو عنه المقام، أخذوا به في الإعراب، وحملوا ما ورد مجرداً من الواو على وجوه سنذكرها فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.

بل شأنهم فيما يستعمل مقروناً بحرف مرة، ومجرداً منه مرة أخرى: أن يحملوا ما اقترن بالحرف على معنى يقتضيه الحرف، ويحملوا المجرد على معنى يقتضيه الخلو من ذلك الحرف، وإن شاع كل منهما في الاستعمال،