للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يذهبون إلى الحكم بزيادة الحرف إلا إذا تعذر عليهم تخريج الكلام على وجه يلائم معنى الحرف، وانظروا إلى الأخيار حين تتعدد؛ إذ يصح عطف بعضها على بعض تارة، فنقول: زيد وشاعر وكاتب، ويصح تجريدها من حرف العطف تارة أخرى، فنقول: زيد عالم شاعر كاتب. ووجه هذا: أنك قد تنظر إلى تعداد الصفات وهي متغايرة، والتغاير يقتضي العطف، وقد تنظر إلى أن الذات الحاملة للصفات واحدة، وهذا الاتحاد يسوّغ تجريدها من حرف العطف.

قال كاتب المقال: "وبعضهم يوجب جر المحذر منه بمن إذا لم تذكر هذه الواو، ولكنه محجوج بقول الشاعر:

فإياك إياك المراء فإنه ... إلى الشر دعَّاء وللشر جالبُ

فقوله: "المراء" هو المحذر منه، وهو غير مجرور بمن؛ لأنه لا يلزم تقدير المحذوف فعلاً يتعدى إلى مفعول واحد بنفسه، وإلى الثاني بمن، بل يجوز تقديره فعلاً يتعدى إلى مفعولين بنفسه".

قد أريناك أن الوارد على وجه الندرة لا يقضى به على الغالب في استعمال البلغاء، بل تحمل الواو الواردة في غالب الاستعمال على أحد معانيها المعروفة حتى يمنع منه مانع لفظي أو معنوي.

والصيغة المجردة من الواو لم ترد إلا في وجه نادر، ولندرته لم يبن عليها جمهور النحويين صحة نحو: اياك الأسد، وقالوا: المحذر منه الذي يذكر بعد المحذر، يجب أن يكون مقروناً بالواو، أو بمن، وحملوا البيت الذي أورده كاتب المقال على ضرورة الشعر، أو على أن المراء جرى على قاعدة النصب بنزع الخافض، والأصل: من المراء، وذهب سيبويه إلى أن