قال حضرة العضو المحترم (ص ١): "وقد كان من أول ما هجم على العربية الفصحى من آثار تطور الحياة: شيوعُ اللحن فيها، ولهذا الأمر دلالة كبرى، فإنه ينم عما شعرت به الشعوب المتكلمة بالعربية من ثقل وطأة حركات الإعراب، وصعوبتها على الناس إذا احتاجوا إلى التعبير في حياتهم اليومية".
لا يصح أن ينسب دخول اللحن في العربية إلى تطور الحياة الذي تجب مسايرته، وإنما نشأ من دخول أمم غير عربية بين العروبة، واستيلائهم على كثير من مراكز الدولة كما وقع في أواخر الدولة العباسية، بل كان هذا اللحن مظهراً من مظاهر الانحطاط الذي أصيبت به الأمة من ناحية الثقافة والاجتماع.
ويشهد بهذا: أن الأمة اليوم قد أخذت تسترد رقيها الثقافي والاجتماعي، فأخذت لغة العامة تقترب من اللغة الفصحى، والأمل وطيد في أن لا يمر زمن طويل حتى تتحول إليها.
قال حضرة العضو المحترم (ص ٢): "وقد كان أصحاب اللغة العربية في موقف يضطرهم للاختيار بين خطتين:
إما أن يختاروا تطوير لغتهم، والبعد بها عن صورتها الأولى، وإسقاط الإعراب جملة واحدة، وفي هذه الحالة كان الذي ينتج هو أن تستمر اللغة العربية لغة التعامل، وتدفع في تطورها إلى غايته، وكان هذا لا بد يؤدي بها آخر الأمر إلى أن تصير لغة جديدة إلى مدى كبير.
وإما أن يختاروا تجميد لغتهم، والمحافظة على صورتها، والإقبال على درسها وضبطها، والاحتفاظ بكل خصائصها، وبذلك يحتفظون بوحدتها، واتصال ثقافتها على مر العصور".