للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتزداد شقة الخلاف بينها وبين الفصحى، إلا أن يبدو لأولياء الأمور أن يلغوا تعليم الفصحى في الأزهر، ودار العلوم، وكلية الآداب بالجامعة، وغيرها من المدارس، ويكون عمل هذا المجمع عقيماً، فلا يرمي إلى الغاية التي أنشئ من أجلها، وهي المحافظة على سلامة اللغة الفصحى.

قال حضرة العضو المحترم (ص ٣): "لو حدث مثل هذا التباعد، لما كان للأمم العربية مفر -ولو بعد حين- من أن تقف مرة أخرى في موقف الاختيار بين أحد أمرين، كل منهما ينطوي على أضرار كبيرة".

ثم قال مبيناً الأمر الأول من الأمرين المنطويين على أضرار كبيرة:

"الأول: أن نختار الاتصال بالتراث القديم الماثل في اللغة الفصحى، ونضحي في سبيل هذا الاتصال بأعز ما عند أمة حية تتطلع إلى حياة مليئة قوية، وهو اتصال اللغة بالفكر اتصال الشعب الذي يتكلم بأصحاب الفكر الذين يكتبون، وعند ذلك يكون لا مناص لنا من أن نقنع بحركة فكرية منعزلة عن كتلة الأمة، وأن نرضى لأنفسنا بديمقراطية سطحية لا تتعدى المظاهر الكاذبة، على حين تبقى جماهير الأمة في حالة أمية، وعقم عقلي ونفسي.

"والأمر الثاني: أن نختار الحياة الحاضرة والمستقبلة مضحين بكنوز الثقافة القديمة، وما فيها من أصول حضارتنا ومثلنا العليا، ونقطع بيننا وبين ماضينا الكريم السامي، ويكون علينا في هذه الحالة أن نعود إلى حيث بدأت الأمم أول خطواتها نحو الحضارة إلى أن نستطيع - بعد أحقاب طويلة - تحصيل ثروة فكرية جديدة، تصلح لأن تكون غذاء لعقول أمة حديثة".

هذا كلام ناشئ عن التشاؤم لمستقبل اللغة الفصحى، والواقع أن العامية قد أخذت تزداد قرباً من اللغة الفصحى؛ للأسباب التي ذكرناها آنفاً، فيمكننا