للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هناك فرق بين اللغة اللاتينية وسلالتها، وبين اللغة العربية ولهجاتها؛ فإن في اللغة العربية ما يمنع من تطورها تطور اللغة اللاتينية، وهو كمال اللغة العربية الفصحى الذي لا تبلغه اليونانية الأصلية، ولا اللاتينية، ثم وحدة أصحاب اللغة العربية في الجنسية والعقلية والخلقية والدينية، قال خليل مطران بك في مقدمة ترجمته لرواية "عطيل" تأليف شكسبير:

"تا الله! لو ملكت العامية، لقتلتها بغير أسف، ولم أكن بقتلي إياها إلا منتقماً لمجد فوق كل مجد، نزلت من هيكله الذهبي الخالص الرنان منزلة الرجلين الخزفيتين القذرتين، فهو فوقهما متداع، وبهما مشوه، منتقماً لأمة كسرت العامية وحدتها، وكانت عليه أكبر معوان للتصاريف التي مزقتها في الشرق والغرب كل ممزق، منتقماً للفصاحة نفسها، وأي فصاحة في خشارة لا تصيب فيها تبر الأصل إلا وقد تلوث بذريرات لا تحصى من أوضار الرطانات بأنواعها".

قال حضرة العضو المحترم (ص ٣): "ولكن مهما يكن الفرق بين موقف العامية من العربية الفصحى، وبين موقف اللغات الأوريية الحديثة من اللغات القديمة، فإنه من الواضح أن الاتجاه واحد في نوعه في الحالين، وإذا استمر في سبيله، كان من المحتوم أن تصير اللغة العربية الفصحى لغة الكتاب، على حين يزيد تطور العامة مع الحياة، وتزداد تبعاً لذلك شقة الخلاف بينها وبين الفصحى التي تصبح بعد حين في حكم اللغات القديمة".

غزارة مادة اللغة العربية، وحسن بيانها، وانتشار تعليم القرآن الكريم، تقف بألسنة الناطقين بها دون أن تغرق في العامية حتى تصبح الفصحى في حكم اللغات القديمة، وليس من المحتمل أن يزداد تطور العامية مع الحياة،